تأتي فكرة الخصي والتعقيم للقطط والكلاب كوسيلة للحدّ من تكاثرالحيوانات في ظلّ ازدياد المدّ العمراني على حساب الحياة البريّة وعدم توفّر طرق أخرى لحماية الحيوانات ورعايتها بعد الاستيلاء على موطنها ومقدّراتها. التعقيم – أي استئصال الخصيتين للذكر والرحم للأنثى- يُعدّ خياراً أخلاقياً نتيجة لأمر واقع فُرض على الحيوان نفسه وعلى المهتمين/ات بحمايته، في مقابل خيارات لا أخلاقية يتعامل بها المجتمع والمؤسسات الرسمية مثل القتل بالرصاص والتسميم. إن المدافعين/ات عن حقوق وحماية الحيوان يحاولون حماية الحيوانات في ظلّ ظروف غير طبيعية ويواجهون في هذا نتائج انحسار المناطق الطبيعية والحياة البرّية بمحاولة اتباع الطرق الأكثر إنسانية في ظلّ أمر قائم سيء تشترك في فرضه الجهات الرسمية والمجتمع على حدّ سواء. مع هذا، نجد أن البعض يأخذ موقفاً مضاداً لفكرة التعقيم لأسباب مختلفة، ولكننا لاحظنا أن هذا الموقف عادة يصدر عن ذات الأشخاص الذين ليس لديهم أي تحفّظ تجاه فكرة قتل الحيوان لمنفعة الإنسان، ولهذا نوجز في هذه المقالة أهم النقاط المتعلقة بهذا الموضوع، آخذين بعين الاعتبار المصلحة الفُضلى للحيوان من منظور حقوقي:
- عدم اتباع الطرق السليمة للتخلص من الأكل الذي يزيد عن الحاجة يؤدي إلى تواجد الكلاب والقطط بشكل كبير في المناطق المأهولة. لهذا، إن تمّ التخلّص من النفايات بطريقة سليمة وقامت البلديات بإخراجها إلى المكبات قبل حلول الليل، سيوجّه ذلك الكلاب إلى حيث الطعام وسيقلّ عددها تلقائياً في داخل المناطق السكنية.
- الكلبة تُنجب مرّتين سنوياً بعدد جراء من 6 إلى 9 جراء في المرّة الواحدة، يكون مصيرها الدهس والقتل بالرصاص والتسميم. فهل هذا يُعتبر خياراً أخلاقياً يُريح ضمير المجتمع أكثر؟ هذا في ظلّ عدم توفر ملاجئ ومحميّات لحمايتها.
- تعقيم إناث الكلاب يعتبر إحدى الوسائل الهامة لمنع التهابات الرحم والأورام السرطانية في الضَرْع، وهو عامل مهم في صحة إناث الكلاب.وخصي الذكور يقلل من احتمال إصابتها بسرطان الخصيتين والبروستاتة. كما أن حياة الكلاب التي تم تعقيمها/خصيها تكون أطول وتتمتع بصحة أفضل بشكل عام.
- التعقيم والخصي هما عمليتان جراحيتان تتمان مع التخدير التام. وتعود الكلاب عادة إلى حياتها العادية بعد مرور 24-48 ساعة.
- الكلاب في فترة التزاوج تصبح عدوانية تجاه بعضها البعض وأحياناً تجاه البشر، وهذا ينتج عنه معارك تؤدي إلى إصابات بالغة في صفوفها وقد تؤدي إلى موت الحيوانات المصابة. وعملية التعقيم تساعد في تعديل سلوك الحيوان في هذه الفترة.
- سؤال “من نحن حتى نقرّر نيابة عن الحيوان ونستأصل أعضاءه التناسيلة؟” هو سؤال أخلاقي مشروع، لكننا نحاول توفير أكثر الخيارات إنسانية وأخلاقية لحماية الحيوان في الوقت الحالي، فنحن أمام خيارين الأول هو إنجاب عدد هائل متزايد من الجراء في الشارع سيكون مصيرها الإهمال والدهس والمرض والقتل بالسمّ والرصاص، والثاني هو الحدّ من انتشارها بطريقة تحافظ على صحّة الحيوان من جهة وتعدّل من سلوكه الاجتماعي من جهة أخرى وبالتالي ستؤدي إلى علاقة أفضل مع المحيط من الحيوانات والناس على حدّ سواء.
- تبنّي برنامج وطني لتعقيم حيوانات الشارع لا يعني بأي حال السعي لانقراضها فهذا أمر مخالف لكافة المبادئ الحقوقية والبيئية، لأن انتهاج هذا البرنامج يجب أن يتم وفق أسس علمية تحافظ على ما لا يقلّ عن 25% من الحيوانات بدون تعقيم، فيما يتم تطعيمها جميعها ضد الأمراض.
- تعقيم الحيوانات يشجّع الناس على تبنيها وتربيتها في البيوت لأنه ليس بمقدور أحد تحمّل تكاثر الحيوانات المضطرد والتعامل مع سلوكها في مرحلة الشبق، وبالتالي تعقيمها يساهم في نشر ثقافة تربية الحيوانات والاعتناء بها كأفراد عائلة وكأصدقاء في ظروف صحّية وفي أجواء عائلية، كما ويساهم في انتشار ثقافة تحمّل المسؤولية والرحمة لدى الأطفال، وهذا له انعكاساته الإيجابية على المجتمع ككلّ.
- تعقيم حيوانات الشارع هو أمر تطبّقه الدول التي تُعنى بحماية الحيوان وتحسين البيئة المحيطة به ضمن رقابة قانونية وأخلاقية على كافة الممارسات بهذا الشأن.
تعقيم الحيوانات سيجنّبها حالة التوتّر والاضطراب التي تعيشها في مرحلة الشبق/التزاوج، وليس هناك أي دليل علمي أن الحيوانات تفتقد شعور الأمومة والأبوة لارتباطه لديها بالهرمونات بالدرجة الأولى.
أخيراً وليس آخراً، كحقوقيين مهتمّين بحماية الحيوان، نحن لا نختار مصير الحيوانات بالنيابة عنها. كل ما نحاول عمله هو خلق بيئة آمنة للحيوان والإنسان على حدّ سواء في فلسطين.